Admin Admin
عدد المساهمات : 596 نقاط : 1309 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 01/01/2010 الموقع : latakia.ahlamontada.net
| موضوع: مقامة اللاذقية الخميس 14 أكتوبر 2010, 01:47 | |
| هذه المقامة من كتاب مجمع البحرين وقد أردت نشرها لأهميتها وهي من أجمل المقامات التي قرأتها
- حدّثنا سهيل بن عبّاد قال : عنّ لي أرب , في لاذقيّة العرب , فقصدتها من خناصرة مع رجل صنافرة ((خناصرة مدينة من أعمال حلب –رجل صنافرة رجل ليس له أب)) ,يتبرّد بالهاجرة . - فاّدتني صحبته الغلوب حتّى أدّتني إلى اللغوب . فدخلت المدينة ,كما تدخل الدلو العدينة ((العدينة: رقعة في أسفل الدلو إذا انخرق –المقصود أني دخلتها كالغريب غير ممتزج مع أهلها)) ونزلتها واهن العواهن ,لاخدن لي ولا عجاهن ((خدن:صديق-عجاهن :خادم)) , وكان بدار منزلي السفلى مدرسة حفلى , فكنت أزورها لماما. وأقوم بها إماما ,حتّى إذا كنت يوما بمحرابها , بين أضرابها وأترابها . دخل شيخ كفيف , يقودهغلام خفيف .وهو قد اعتمر بصماد , وسدل له عذبة كالنّجاد .فلمّا وقف َ بنا لاحت عليه الأريحيّة ,وحيّانا بأحسن التحيّة . ثم قال :حمدا لمن له الحمد والمنّة, الذي جعل المدارس أبواب الجنّة أمّا بعد فإنّ الله قد أمر بالقراءة وأقسم بالقلم , وهو الذي علم الإنسان مالم يعلم .فلا جَرَمَ أنّ هذه الصّناعة أرجح الصنائِع وأربح البضائع . وعليها مدار السنّة والكتاب , وبها حيوة العلوم والاّداب , ومنها استنارة العقول والألباب . وهي عنوان السيادة وعنفوان السعادة . واّية الفلاح , وغاية الصلاح والإصلاح ولولاها لدرست الأخبار وطمست الاّثار وهلكت أموال التّجارة وضاعت حقوق القضاء والإمارة فثابروا أيها الولدان المخلّدون ولا ترضوا من الصناعة بالدّون . وإذا قرأتم فافتحوا الطرف وأظهروا الحرف والزموا الدرس ولا تكثروا الهمس وإذا أردتم أن تبروا القلم فاشحذوا الجلم (( أي السكين)) وأطيلوا الجلفة وأسمنوها ((الجلفة :برية القلم)) وحرّفوا القطّة وأيمنوها(( أي مكان القطع يكون مائلا لليمين وذلك لسهولة توافق القلم مع الورق)) واحرصوا على صحّة التصوير وإحكام التّحرير وتقويم الأساطير واعلموا أنّ المناقش سيتلوّن عليكم كأبي براقش فلا تدعوا له سبيلاً أن يلوم ولا تمكنوه من حجّة تقوم وعليكم بعفّة اليد واللسان ونقاء الثوب والبنان وسهولة الخلق بين الأقران والمذاكرة في اّيات القراّن لتكونوا زينة الحيوة الدنيا كما أنزل الله كلمته العليا وأما الأستاذ فليكن عفيفا غيورا لطيفا صبورا ُ أديبا وقورا ماهرا في صناعته باهرا في وداعته ليس بالشّديد العتيّ ولا بالبليد العييّ يرغب أن يفيد كما يرغب أن يستفيد ويجتهد في تربية من تحت لوائه و كما يجتهد في تربية أبنائه وليعلم أنّ التلامذة أمانةٌ في يده ويتأهّب في يومه إلى ما سيحاسب عليه في غده . .. - ثمّ أقبل قبل المشهد وأنشد وهو يتنهّد : - يامن لهم في السجايا عين وجيم وباء - ماطاب لي في سواك نون وعين وتاء - عهودكم ليس فيها نون وكاف وثاء - وحظّكم كل يوم ميم ودال وحاء - وإنني في حماكم شين وياء وخـاء - لم يبق لي في بلائي صاد وباء وراء - أنتم لكلّ فقيرٍ كاف ونون وزاء - وفي أكف نداكم باء وسين وطاء - هل عندكم نحو شيخ لام وحاء وظاء - وحسبه من رضاكم عين وطاء وفاء - دياركم للأمانـي واو وجيم وهاء - شـين وبـاء وعــين فيـها وراء ويـاء قال: فلمّا فرغ من أبياته الحسان تعلّق به أولئك الغلمان وقالوا : إنك نعم الأستاذ والعقوة التي بها يلاذ .فنحن نتبّع هواك ولا نريد سواك فأشفق الأستاذ من صرم((قطع)) حباله وهاجت بلابل بلباله((اضطرب قلبه)) فأسرّ إليّ النّجوى وباح لي بالشكوى من هذه البلوى وكنت قد عرفت الشيخ أنه حامي الحمى وإنّ كان قد تظاهر بالعمى فقلت للأستاذ : إن كنت قد أجفلت من مواء السنانير فأعطني له قبضة من الدنانير وأنا أدرأ مافي نفسه قد أوجس وأدعه لا يأتيك سجيس الأوجس فناولني ماأشاء وقال:أتبع الدلو بالرّشاء((الرّشاء الحبل مثل على إلحاق شيء بشيء . فدعوت الشيخ إلى خلوة وبثثته المرة والحلوة فقهقه كما يقهقه الرعد وقال : بكلّ وادٍ بنو سعد . فعده وعد السموأل أنّ أسامة لاينزل في وجار جيأل . قلت فكيف تعاميت وأنت أبصر من فرس في بهماء غلس . فتظر إلي نظرة الضّرغام , وأنشد بصوت كالبغام : تخّلـق النـاس بالأدناـس واعتمدوا من الصّفات الّدّها والمكر والحسدا كرهت منظرهم من سوء مخبرهم فقـد تعــاميت حتّـى لا أرى أحـــدا ثم انطلق بي إلى مثواه وقاسمني شطر جدواه وقال : أنت الليلة ضيفي وأنا غدا ضيف الهجير , فإنّ الصقر متى صاد يصير . فقضيت معه ليلةً أرقّ من السابريّة ((نوع من الملابس الرّقيقة)) وأطيب من الجاشريّة((شرب يكون مع الصبح)) . حتّى نسخ الصبح اّية الظلام , ونشر على الأفق حمر الأعلام , فودّعني وذهب وأودَعني اللّهب . | |
|