+
----
-
إقليدس
(نحو 365 ـ 300 ق.م)
إقليدس Euclid رياضي يوناني، من المرجح أنه تعلم في أثينة على يد تلاميذ
أفلاطون، وعلّم الهندسة في الاسكندرية في أثناء حكم بطلميوس الأول (365
- 283
ق.م)، وأسس مدرسة الرياضيات هناك. كان عمله الرئيسي كتاب «الأصول» The Elements في الرياضيات، الذي يقع في 13 جزءاً، انصرفت الأجزاء الأربعة
الأولى منها مع الجزء السادس للهندسة المستوية، وانصرف الجزء الخامس بوجه عام
للتناسب، وأما الأجزاء السابع والثامن والتاسع فقـد كانــت حول خواص الأعداد، وكان
الجزء العاشر للكميات غير المتقاسـمة incommensurable quantitie (العددان غير المتقاسمين هما عددان النسبة بينهما عدد أصم)، وكانت
الأجزاء الثلاثة الأخيرة للهندسة الفضائية (الفراغية).
يمكن أيضاً أن يكون إقليدس قد وضع كتاب
«المعطيات» The Data،
وهو مجموعة من المبرهنات الهندسية، وفيه يبرهن على أنه إذا ما أُعطيت
عناصر معينة في شكل هندسي فإن العناصر الأخرى تكون محددة تلقائياً، وكتاب «الظواهر» The Phenomena
لوصف السماء، وكتاب «البصريات» Optics، وكتاب
«تقسيم السُلَّم» The Division of the
Scale وهو وصف رياضي للموسيقى،
وكتاباً في تقسيم الأشكال الهندسية، ويبحث في مسائل ترتبط بتقسيم شكل هندسي بخط
مستقيم أو أكثر إلى أجزاء متساوية أو إلى أجزاء ذات نسب محددة فيما بينها، أو
متناسبة مع مساحات محددة، وعدة كتب أخرى.
غير أن جلّ المؤرخين يعتقدون أن بعض هذه الكتب
أو كلها، باستثناء كتاب «الأصول»، قد نسبت إلى إقليدس من دون أن تكون
له. كما اختلف المؤرخون في الرأي في أصالة مشاركته في كتاب «الأصول»، إذ
من الممكن أن تكون الفصول الهندسية في هذا الكتاب هي، من حيث المبدأ، إعادة تنظيم
أبحاث لِسلَفيْه الرياضيين يودكسوس Eudoxus وثياتيتيوس Theaetetus، وربما كان عمل إقليدس إضافة بعض الاكتشافات الأصلية في نظرية
الأعداد.
استُخدمت كتب إقليدس في التعليم ما يقارب ألفي
عام، ومازالت الأجزاء الأولى من كتاب «الأصول»، بعد عرضها بأشكال
معدّلة، هي الأساس في تعليم الهندسة المستوية. ولقد كانت الطبعة الأولى لهذا
الكتاب في اللغة اللاتينية مترجمة عن العربية، وظهرت هذه الطبعة في البندقية عام
1482م.
ونقل كتاب «الأصول» من الإغريقية إلى
العربية الحجاج بن يوسف بن مطر مرتين، الأولى لأمر الخليفة العباسي هارون الرشيد،
والثانية لأمر الخليفة العباسي المأمون، كما نقله حنين ابن إسحاق في بغداد، وراجع
الترجمة ثابت بن قرة المتوفي عام 901م. وفي القرن الثالث عشر الميلادي/الثامن
الهجري قام نصير الدين الطوسي أيضاً بنقله إلى العربية. والذي نقل الكتاب من
العربية إلى اللاتينية هو أديلارد Adelard عام 1127م في إسبانية. كذلك قام هيرمان الكارنثي Hermann of Carinthia بنقل 12 جزءاً من كتاب
«الأصول» عن النسخة العربية
نفسها، كما قام جيرارد الكريموني Gerard of Cremona بترجمة جميع أجزاء الكتاب عن إسحاق وثابت. وكانت أولى الترجمات
اللاتينية عن الإغريقية مباشرة (من دون الاعتماد على الوسيط العربي) لهذا الكتاب
في سنة 1505م.
عرَّف إقليدس، في الجزء الرابع من كتابه «الأصول» النقطة والخط والسطح والخط المستقيم ثم قدم قضايا من دون برهان
(موضوعات) ألحق بها قضايا مع براهينها (مبرهنات). ومن أهم موضوعاته الموضوعة
الخامسة (موضوعة التوازي) التي تنص على أنه إذا قطع مستقيم مستقيمين آخرين (واقعين
في مستو واحد)، وكان مجموع قياس الزاويتين الداخليتين في إحدى جهتي المستقيم
القاطع أصغر من قياس زاويتين قائمتين فإن هذين المستقيمين يتقاطعان في هذه الجهة،
وهذه الموضوعة تكافىء الموضوعة: من نقطة خارج مستقيم لا يمكن رسم سوى مستقيم واحد
يوازيه. ولقد قبل الباحثون في الهندسة موضوعات إقليدس بسهولة، غير أنهم وقفوا
طويلاً أمام موضوعة التوازي فحاولوا إثباتها. وقد ظن بعضهم أنه قد وصل إلى ذلك من
دون أن يلاحظ أنه قد اعتمد على موضوعة مكافئة لموضوعة التوازي، ومن هؤلاء الرياضي
اليوناني بروكلوس Proclus (القرن الخامس الميلادي) والرياضي العربي نصير الدين الطوسي.
واستمر الجدل حاداً حول هذه الموضوعة حتى جاء الرياضي الروسي لوباتشيفسكي Lopachevski والمجري بولياي Bolyai في القرن التاسع عشر فأثبتا، كلٌ على حدة، استقلال موضوعة التوازي
عن غيرها من الموضوعات، وأقاما هندسات جديدة لاإقليدية تعتمد على موضوعة أخرى
مخالفة لموضوعة التوازي.
ومما لا شك فيه أن هندسة إقليدس (الهندسة الإقليدية)
قد أرست دعائم ما يسمى في المنطق بالطريقة الاستنتاجية، كما أن دراسة كتاب الأصول
أو ما يكافىء هذا الكتاب كانت عاملاً مهماً في التربية العقلية عبر الأجيال.